مقدمة:
تعاني العديد من النساء من ارتفاع مستوى هرمونات الأندروجين، وهي مجموعة من الهرمونات الجنسية الذكرية الموجودة لدى الجنسين، ولكن بنسب مختلفة. عند النساء، تلعب الأندروجينات دوراً هاماً في وظائف مثل نمو الشعر ووظائف المبيض وتنظيم المزاج. ومع ذلك، عندما ترتفع مستويات الأندروجين بشكل غير طبيعي، يمكن أن تؤدي إلى مشاكل صحية مزعجة مثل حب الشباب، والشعرانية (نمو الشعر الزائد في أماكن غير مرغوب فيها)، وعدم انتظام الدورة الشهرية، ومقاومة الأنسولين، وحتى صعوبة الحمل. هذه الحالة تُعرف بـ “فرط الأندروجينية”.
يهدف هذا المقال إلى تزويد النساء بمعلومات شاملة ومفصلة حول أسباب ارتفاع هرمون الأندروجين، والأعراض المصاحبة له، والأهم من ذلك، الطرق الفعالة لخفض مستواه وتحسين الصحة العامة. سنستعرض التغييرات في نمط الحياة، والعلاجات الطبيعية، والخيارات الدوائية، مع تقديم إرشادات عملية خطوة بخطوة لكل طريقة.
أسباب ارتفاع هرمون الأندروجين عند النساء:
قبل الخوض في طرق العلاج، من المهم فهم الأسباب الكامنة وراء ارتفاع هرمون الأندروجين. يمكن أن يكون السبب متعلقاً بحالات طبية مختلفة، أو عوامل وراثية، أو حتى نمط الحياة. إليكم بعض الأسباب الأكثر شيوعاً:
- متلازمة تكيس المبايض (PCOS): هي السبب الأكثر شيوعاً لارتفاع الأندروجين عند النساء. تتميز هذه المتلازمة بعدم انتظام الدورة الشهرية، وتكيسات في المبايض، وارتفاع مستويات الأندروجين. مقاومة الأنسولين غالباً ما تكون مصاحبة لمتلازمة تكيس المبايض وتزيد من إنتاج الأندروجين.
- تضخم الغدة الكظرية الخلقي (CAH): هو اضطراب وراثي يؤثر على الغدد الكظرية، مما يؤدي إلى زيادة إنتاج الأندروجين.
- أورام المبيض أو الغدة الكظرية: نادراً ما تكون هذه الأورام هي السبب، ولكنها يمكن أن تفرز كميات كبيرة من الأندروجين.
- الأدوية: بعض الأدوية، مثل المنشطات الابتنائية وبعض أنواع موانع الحمل، يمكن أن تزيد من مستويات الأندروجين.
- مقاومة الأنسولين: يمكن أن تؤدي مقاومة الأنسولين، حتى في غياب متلازمة تكيس المبايض، إلى زيادة إنتاج الأندروجين.
- السمنة: غالباً ما ترتبط السمنة بمقاومة الأنسولين، والتي بدورها تحفز إنتاج الأندروجين.
- العوامل الوراثية: قد يكون لدى بعض النساء استعداد وراثي لإنتاج مستويات أعلى من الأندروجين.
أعراض ارتفاع هرمون الأندروجين عند النساء:
تختلف الأعراض من امرأة لأخرى، وتعتمد على شدة ارتفاع الأندروجين والأسباب الكامنة وراءه. تشمل الأعراض الشائعة ما يلي:
- حب الشباب: خاصة في منطقة الذقن والفك.
- الشعرانية: نمو الشعر الزائد في أماكن غير مرغوب فيها، مثل الوجه والصدر والظهر.
- تساقط الشعر: على نمط الصلع الذكوري.
- عدم انتظام الدورة الشهرية: قد تكون الدورة الشهرية غير منتظمة أو غائبة تماماً.
- صعوبة الحمل: بسبب عدم الإباضة المنتظمة.
- زيادة الوزن: خاصة حول منطقة البطن.
- تضخم البظر: في حالات نادرة.
- خشونة الصوت: في حالات نادرة جداً وشديدة.
- تغيرات في المزاج: مثل الاكتئاب والقلق.
تشخيص ارتفاع هرمون الأندروجين:
إذا كنتِ تعانين من أي من الأعراض المذكورة أعلاه، فمن المهم استشارة الطبيب. سيقوم الطبيب بأخذ تاريخ طبي مفصل وإجراء فحص جسدي. قد يطلب أيضاً بعض الفحوصات المخبرية، بما في ذلك:
- فحص هرمون التستوستيرون الكلي والحر: لقياس مستويات هرمون التستوستيرون في الدم.
- فحص ديهيدروإيبيأندروستيرون سلفات (DHEAS): لقياس مستويات هذا الأندروجين الذي تنتجه الغدد الكظرية.
- فحص الأندروستنيديون: لقياس مستويات هذا الأندروجين الذي ينتجه المبيض والغدد الكظرية.
- فحص الهرمون المنبه للجريب (FSH) والهرمون اللوتيني (LH): لقياس مستويات هذه الهرمونات التي تنظم وظائف المبيض.
- فحص البرولاكتين: لقياس مستويات هذا الهرمون الذي قد يؤثر على الدورة الشهرية.
- فحص الجلوكوز والأنسولين: لتقييم مقاومة الأنسولين.
- تصوير الحوض بالموجات فوق الصوتية: لتقييم المبايض والكشف عن التكيسات.
طرق خفض مستوى هرمون الأندروجين عند النساء:
بعد التشخيص، سيقوم الطبيب بوضع خطة علاجية مناسبة بناءً على الأسباب الكامنة وراء ارتفاع الأندروجين والأعراض التي تعانين منها. تشمل الخيارات العلاجية ما يلي:
أولاً: تغييرات نمط الحياة:
تعتبر تغييرات نمط الحياة خطوة أولى وأساسية في خفض مستويات الأندروجين، خاصة إذا كنتِ تعانين من السمنة أو مقاومة الأنسولين. تشمل هذه التغييرات:
- فقدان الوزن: حتى فقدان نسبة صغيرة من الوزن (5-10٪) يمكن أن يحسن بشكل كبير مقاومة الأنسولين ويقلل من إنتاج الأندروجين.
- الخطوات العملية لفقدان الوزن:
- اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن: يركز على الخضروات والفواكه والبروتينات الخالية من الدهون والحبوب الكاملة. قللي من تناول السكريات والدهون المشبعة والأطعمة المصنعة.
- ممارسة الرياضة بانتظام: مارسي التمارين الرياضية لمدة 30 دقيقة على الأقل معظم أيام الأسبوع. يمكن أن تشمل التمارين الرياضية المشي والركض والسباحة وركوب الدراجات والتمارين الهوائية. تمارين القوة مهمة أيضاً لبناء العضلات وتحسين التمثيل الغذائي.
- الحصول على قسط كاف من النوم: قلة النوم يمكن أن تؤثر على الهرمونات وتزيد من مقاومة الأنسولين.
- إدارة الإجهاد: الإجهاد المزمن يمكن أن يزيد من مستويات الكورتيزول، والذي بدوره يمكن أن يحفز إنتاج الأندروجين. حاولي ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل اليوجا والتأمل.
- اتباع نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات: يمكن أن يساعد النظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات في تحسين مقاومة الأنسولين وتقليل مستويات الأندروجين.
- الخطوات العملية لاتباع نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات:
- تقليل تناول الكربوهيدرات المكررة: مثل الخبز الأبيض والأرز الأبيض والمعكرونة.
- تناول الكربوهيدرات المعقدة: مثل الحبوب الكاملة والبقوليات والخضروات النشوية باعتدال.
- التركيز على البروتينات الخالية من الدهون والدهون الصحية: مثل الأسماك والدواجن والمكسرات والبذور والأفوكادو وزيت الزيتون.
ثانياً: العلاجات الطبيعية:
توجد بعض العلاجات الطبيعية التي قد تساعد في خفض مستويات الأندروجين. ومع ذلك، من المهم استشارة الطبيب قبل استخدام أي من هذه العلاجات، خاصة إذا كنتِ تتناولين أدوية أخرى.
- النعناع الفلفلي: قد يساعد شاي النعناع الفلفلي في تقليل الشعرانية. أظهرت بعض الدراسات أن شرب كوبين من شاي النعناع الفلفلي يومياً يمكن أن يقلل من مستويات هرمون التستوستيرون الحر.
- طريقة التحضير: انقعي ملعقة كبيرة من النعناع الفلفلي المجفف في كوب من الماء المغلي لمدة 5-10 دقائق. صفي الشاي واشربيه.
- نبات كف مريم (Vitex Agnus-Castus): قد يساعد نبات كف مريم في تنظيم الدورة الشهرية وتقليل مستويات الأندروجين.
- الجرعة: استشيري الطبيب لتحديد الجرعة المناسبة. عادة ما تكون الجرعة 40 ملغ يومياً.
- عرق السوس: قد يساعد عرق السوس في خفض مستويات الأندروجين عن طريق تثبيط إنزيم 17-هيدروكسيستيرويد ديهيدروجيناز، وهو إنزيم ضروري لإنتاج هرمون التستوستيرون.
- التحذيرات: يجب استخدام عرق السوس بحذر، لأنه يمكن أن يرفع ضغط الدم ويتداخل مع بعض الأدوية. لا تستخدميه إذا كنتِ تعانين من ارتفاع ضغط الدم أو مشاكل في القلب أو الكلى.
- طريقة الاستخدام: يمكن تناول عرق السوس على شكل شاي أو مكمل غذائي. استشيري الطبيب لتحديد الجرعة المناسبة.
- زيت شجرة الشاي: يمكن استخدام زيت شجرة الشاي موضعياً لعلاج حب الشباب.
- طريقة الاستخدام: ضعي كمية صغيرة من زيت شجرة الشاي المخفف على البثور مباشرة.
- المكملات الغذائية: بعض المكملات الغذائية قد تساعد في خفض مستويات الأندروجين، مثل:
- الزنك: قد يساعد الزنك في تقليل حب الشباب.
- الكروم: قد يساعد الكروم في تحسين مقاومة الأنسولين.
- المغنيسيوم: قد يساعد المغنيسيوم في تحسين مقاومة الأنسولين وتنظيم الدورة الشهرية.
- فيتامين د: نقص فيتامين د شائع بين النساء المصابات بمتلازمة تكيس المبايض.
ثالثاً: العلاجات الدوائية:
إذا لم تكن تغييرات نمط الحياة والعلاجات الطبيعية كافية، فقد يصف الطبيب بعض الأدوية لخفض مستويات الأندروجين. تشمل هذه الأدوية:
- موانع الحمل الفموية المركبة (حبوب منع الحمل): هي الخيار الدوائي الأكثر شيوعاً لعلاج ارتفاع الأندروجين. تحتوي حبوب منع الحمل على هرموني الاستروجين والبروجستين، اللذين يعملان على تثبيط إنتاج الأندروجين من المبيض.
- كيف تعمل: تقلل حبوب منع الحمل من إنتاج الهرمون اللوتيني (LH)، وهو هرمون يحفز المبيض على إنتاج الأندروجين. كما أنها تزيد من مستويات الجلوبيولين المرتبط بالهرمونات الجنسية (SHBG)، وهو بروتين يرتبط بالأندروجين في الدم ويجعله أقل نشاطاً.
- الفوائد: تساعد حبوب منع الحمل في تنظيم الدورة الشهرية وتقليل حب الشباب والشعرانية.
- الآثار الجانبية: قد تشمل الآثار الجانبية الغثيان والصداع وتقلبات المزاج وزيادة الوزن.
- مضادات الأندروجين: هي أدوية تمنع تأثير الأندروجين على الجسم. تشمل مضادات الأندروجين الشائعة ما يلي:
- سبيرونولاكتون: هو مدر للبول يستخدم أيضاً كمضاد للأندروجين. يمنع سبيرونولاكتون ارتباط الأندروجين بمستقبلاته في الجلد، مما يقلل من حب الشباب والشعرانية.
- سيبروتيرون أسيتات: هو مضاد للأندروجين قوي يستخدم في كثير من الأحيان لعلاج الشعرانية الشديدة.
- فلوتاميد: هو مضاد للأندروجين يستخدم في بعض الأحيان لعلاج الشعرانية وحب الشباب.
- الآثار الجانبية: قد تشمل الآثار الجانبية لمضادات الأندروجين جفاف الفم والصداع والتعب. يجب عدم استخدام مضادات الأندروجين أثناء الحمل، لأنها يمكن أن تسبب تشوهات خلقية للجنين الذكر.
- ميتفورمين: هو دواء يستخدم لعلاج مرض السكري من النوع الثاني. يمكن أن يساعد ميتفورمين في تحسين مقاومة الأنسولين وتقليل مستويات الأندروجين.
- كيف يعمل: يزيد ميتفورمين من حساسية الأنسولين، مما يسمح للخلايا باستخدام الجلوكوز بشكل أكثر فعالية. هذا يقلل من حاجة الجسم لإنتاج الأنسولين، مما يقلل بدوره من إنتاج الأندروجين.
- الفوائد: يمكن أن يساعد ميتفورمين في تنظيم الدورة الشهرية وتحسين الخصوبة لدى النساء المصابات بمتلازمة تكيس المبايض.
- الآثار الجانبية: قد تشمل الآثار الجانبية الغثيان والإسهال وآلام المعدة.
- الكريمات الموضعية: توجد بعض الكريمات الموضعية التي يمكن استخدامها لعلاج الشعرانية، مثل:
- إفلورنيثين: هو كريم يقلل من نمو الشعر عن طريق تثبيط إنزيم الأورنيثين ديكاربوكسيلاز، وهو إنزيم ضروري لنمو الشعر.
رابعاً: العلاجات الأخرى:
بالإضافة إلى العلاجات المذكورة أعلاه، توجد بعض العلاجات الأخرى التي يمكن استخدامها لعلاج أعراض ارتفاع الأندروجين، مثل:
- إزالة الشعر بالليزر: يمكن استخدام إزالة الشعر بالليزر لإزالة الشعر الزائد بشكل دائم.
- التحليل الكهربائي: هو طريقة أخرى لإزالة الشعر بشكل دائم.
- العلاجات الجلدية لحب الشباب: توجد العديد من العلاجات الجلدية التي يمكن استخدامها لعلاج حب الشباب، مثل الكريمات والمستحضرات التي تحتوي على حمض الساليسيليك أو بنزويل بيروكسايد أو الرتينوئيدات.
نصائح إضافية:
- استشيري الطبيب بانتظام: من المهم استشارة الطبيب بانتظام لمراقبة مستويات الأندروجين وتقييم فعالية العلاج.
- كوني صبورة: قد يستغرق الأمر بعض الوقت لرؤية نتائج العلاج.
- لا تيأسي: مع العلاج المناسب، يمكن التحكم في أعراض ارتفاع الأندروجين وتحسين نوعية حياتك.
- دعم المجموعة: يمكن أن يكون الانضمام إلى مجموعة دعم للأشخاص الذين يعانون من ارتفاع الأندروجين مفيداً. يمكن أن توفر مجموعات الدعم الدعم العاطفي والمعلومات والنصائح العملية.
خلاصة:
ارتفاع هرمون الأندروجين عند النساء مشكلة شائعة يمكن أن تؤثر على الصحة الجسدية والعاطفية. لحسن الحظ، توجد العديد من الطرق الفعالة لخفض مستويات الأندروجين وتحسين الأعراض المصاحبة له. من خلال تغييرات نمط الحياة والعلاجات الطبيعية والأدوية، يمكن للنساء التحكم في هذه الحالة وتحسين نوعية حياتهن. من المهم استشارة الطبيب لتحديد الأسباب الكامنة وراء ارتفاع الأندروجين ووضع خطة علاجية مناسبة.
تنويه:
هذا المقال مخصص للأغراض الإعلامية فقط ولا يهدف إلى استبدال المشورة الطبية المهنية. استشيري الطبيب دائماً قبل البدء في أي علاج جديد.